تصوروا شاعرا يعبر بشعره العربي عن أحوال وطنه. وفي نفس الوقت يصبح جسرا بين الشعراء العرب فينهل من ثقافاتهم العديدة وينهلوا منه ثقافته. ليتطور الأمر ويصبح على علاقة بأشهر شعراء العالم الغربي فيتأثروا به لدرجة اعتبار بعضهم من تلاميذه. فضلا طبعا عن اتساع معارفه الأدبية باختلاطه بهم دون شك. هذه وباختصار هي سيرة عبد الوهاب البياتي الذي لا يستطيع إنسان يهتم بالشعر العربي الحديث ألا يقف أمام تلك السيرة وأمام ما كتبه كثيرا، نظرا لكونه محطة في هذا العالم لا يمكن إهمالها. ومن هنا قررنا كتابة هذا المقال الذي نتحدث فيه عن أهم النقاط الخاصة بحياة هذا الشاعر على عدة مستويات.
عبد الوهاب البياتي في العراق
حيث بغداد إذ تربى في بيت جده وأبيه هناك ليعبر عن كافة أحوال العراق بشعره. وتصل لكل من يعيشون به أو من يهتمون لأمره صورة مفصلة حول تلك البلاد. خصوصا وأن الشاعر كان على تواصل مع نزار قباني في سوريا. ومحمد الفيتوري في السودان. ومحمود درويش في فلسطين. بالإضافة طبعا لتواصله مع عدد من الشعراء العراقيين. شاعرنا قد زار أيضا الكثير من الاقطار العربية كالقاهرة ودمشق وعمان وغيرها. ليمثل بذلك حالة شعرية منفردة بذاتها تعلن لمن حولها عن نفسها، تاركة مساحة كافية للتفاعل بينها وبين غيرها. فيزداد صقلها ونضجها دون شك. والأمر يتضح في دواوين عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ديوان ملائكة وشياطين، أشعار في المنفى، أباريق مهشمة وغيرها.
عبد الوهاب البياتي في إسبانيا
وبعد إسقاط الجنسية العراقية لعبد الوهاب البياتي. وجدناه مازال يكتب الشعر فلم ينضب. بل يبدا رحلة جديدة في حياته في أسبانيا حيث يتأثر به الشعراء اللاتينيون مثل رفائيل ألبرتي وبدرو مارتينيث مونتابيث وكارمن رويث برابو وفدريكو أربوس. وكيف لا وقد سبق وأن درس الشاعر في إحدى جامعات الاتحاد السوفيتي وكون علاقات مع شعراء وأدباء سوفيتيين مثل الشاعر الروسي يفتشنكو. لتصبح الحالة الشعرية لعبد الوهاب البياتي ليست مجرد حالة محلية عراقية أو قومية عربية بل إنسانية عالمية. تأثيرها خالد وباقي وله حضوره على كافة الاوساط الشعرية حتى بعد وفاته عام 1999.
Be the first to leave a comment