قد تعتقد أن أعظم ألغاز الكون بعيدة عنا بكثير وليس لها تأثير على حياتنا بشكل مباشر، ولكن ألا تعتقد أنك مخطئ.
ففي عام 2003 في أحد المقاطعات ببلجيكا، وُجد أن أحد المرشحين في الانتخابات قد حصل على عدد أصوات أعلى من المفترض طبقًا لنظام الانتخابات آن ذاك، واتضح أن هذه الزيادة كانت بمقدار 4096 صوتًا انتخابيًا واُكتشف ذلك بعد فرز البطاقات يدويًا للتأكد من عدد الأصوات.
مما يدل على حدوث خلل في الحاسوب، ولكن بعد فحص البرنامج وجدوا أنه سليم، وبعد الكثير من البحث، اكتشفوا أن الأشعة الكونية هي التي تسببت في الخلل الذي حدث للأرقام.
تبدأ حكايتنا مع العالم ثيودور وولف في عام 1910 الذي أخد مقياسه الكهربائي إلى قمة برج إيفل، لقياس النشاط الإشعاعي ظنًا منه أن النشاط الإشعاعي على ارتفاع 300 متر سيكون أكبر بنسبة ما عن النشاط الإشعاعي الذي وُجد في الصخور وتربة الأرض.ولكن ما حدث هو العكس، فقد وجد انخفاضًا طفيفًا وليس ارتفاعًا.
وفي عام 1911، قرر العالم النمساوي فيكتور هيس أن يعيد تجربة ثيودور وولف ولكن في مكانٍ آخر، فقام بتحميل مجسات كهربائية في سلة منطاد يعمل بغاز الهيدروجين، ولكنه لم يلاحظ أي تغيير جوهري في مستوى الإشعاع حتى ارتفاع 1100متر مقارنة بالقيم التي لوحظت على الأرض.
ولكن لم تتوقف محاولات هيس هنا، إذ أنه أجرى سبع رحلات بالمنطاد حتى وصل لارتفاع 5200 متر في العام الذي يليه، وذلك لكي يكتشف شيئًا رائًعا وهو أن الانخفاض الأولي في مستوى الإشعاع في أول عدة مئات من الأمتار، أعقبه ارتفاع في مستوى الإشعاع بعد كيلومتر واحد أو أكثر بقليل.
لذا استنتج أن الإشعاع لا يأتي من الأرض بل من السماء.
وكانت النقطة الفاصلة في اكتشاف فيكتور هيس للأشعة الكونية هي قيامه برحلة بالمنطاد أثناء كسوف الشمس، وفي الوقت الذي كان يعبر فيه القمر أمام الشمس، كان يراقب هيس أدواته بعناية، ووجد أن قراءاته لم تتغير وأن مستوى الإشعاع ثابت بالرغم من أن نصف الشمس مغطاة. مما يدل على أن جزء من الإشعاع قادم من الكون الخارجي.
تتكون الأشعة الكونية من جسميات ذات طاقة عالية من خارج النظام الشمسي، أي أنها تأتي من الفضاء الخارجي.
وتحتوي هذه الجسميات من 90 بالمائة من البروتونات، و9 بالمائة من نوى الهيليوم، و1 بالمائة من نواة أثقل.
عندما تصطدم هذه الجسيمات ذات الطاقة العالية بالغلاف الجوي، تخلق جسيمات جديدة مثل البيونات والتي تتصادم وتتحلل إلى جسيمات أخرى مثل النيوترونات والبروتونات والميونات والإلكترونات والفوتونات وغيرها. والتي بدورها تتصادم مع جزيئات الهواء الأخري في سلسلة طويلة من التصادمات.
لذلك شعاع كوني واحد كافٍ لخلق وابل من الجسيمات المتدفقة نحو الأرض، والتي يشتبه المحققون بها في أنها اصطدمت بترانزستور في جهاز الكمبيوتر في بلجيكا آن ذاك.
تأتي الأشعة الكونية من العديد من المصادر مثل انفجارات النجوم والمستعرات العظيمة في مجرتنا والمجرات الأخرى، كما أن الأشعة الكونية التي تتسم بطاقة عالية وتتحرك بسرعة قريبة جدًا من سرعة الضوء تأتي من انفجارات الثقوب السوداء بما في ذلك الثقوب السوداء العظيمة في مركز المجرات.
يُعد من الصعب تحديد مصدر الأشعة الكونية بالضبط، وذلك يرجع إلى الحقول المغناطيسية في الفضاء التي تجعل الجسميات المشحونة في الفضاء تنحرف عن مساراتها، مما يجعلها تبحر في الكون لفترات تصل إلى مليارات السنين.
وما يزال يوجد الكثير من الأسرار المتعلقة بالأشعة الكونية، و التي لم يستطع العلماء اكتشافها بعد.
جميع الحقوق محفوظة السعودية توداي2018-2024
Please login or subscribe to continue.
No account? Register | Lost password
✖✖
Are you sure you want to cancel your subscription? You will lose your Premium access and stored playlists.
✖
Be the first to leave a comment